مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1654 - الجزء 3

  عن التخليد في النار على ذنب واحد من كلام طويل ما لفظه: وقد أنصف الله ø خلقه وعدل بينهم في حكمه، أولا ترى لو عصى الله طول عمره، ثم تاب، وأخلص، ورجع في صحة من بدنه من قبل نزول الموت به أن تلك الذنوب جميعاً تحط عنه وتغفر له، وإن مات على ذلك دخل الجنة، فكذلك من ختم عمله بالمعصية الله سبحانه وتعالى ومات عليها حكم عليه بالعذاب كما حكم له عند التوبة بالثواب، فهذا عين العدل والإنصاف، ولو جاز أن يدخل الجنة من مات على معصية واحدة لجاز أن يدخلها من مات على معصية أو معصيتين، ولو جاز ذلك لجاز أن يدخلها من عصى عشراً أو عشرين مرة، وإذا جاز ذلك فقل: بطل الوعد والوعيد، ووقع الاختلاف والفساد.

  قلت: وكلامه # رد على من استبعد وقوع العذاب على الذنب الواحد، وفي حكمه من استبعد العذاب الدائم على المعاصي المتناهية؛ لأنه إذا استحق الثواب الدائم على الطاعة المتناهية، فلا يستبعد استحقاقه العذاب الدائم على المعاصي وإن تناهت. والله أعلم.

  الدليل الرابع: ذكره أبو علي (|) وتحريره أن العقاب على المعصية إنما هو بحسب حال المعصي والمراتب التي يتميز بها الباري علينا لا نهاية لها لو كانت وجودية، فكذلك يجب أن يكون عقاب الإساءة إليه على حسب مرتبته فلا تناهى كما لا تناهي مراتب عظمته تعالى. هكذا قرره الإمام المهدي #.