مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1655 - الجزء 3

  قال: وقد اعترضه أبو هاشم بأنه بناه على أصله من أن العقاب قد يستحق من الآدميين، وهو أصل باطل، ثم أجاب الإمام # على هذا الاعتراض، وسنذكره قريباً إن شاء الله.

  وأما الموفق بالله # فقال في بيان دليل أبي علي: قد ذكر أبو علي أن أحدنا قد يستحق العقاب على غيره ولا قدر إلا ويجوز أن يستحق فوقه، وقد ثبت أن نعمة الله علينا أعظم من نعمة بعضنا على بعض، فمتى ما عصيناه يجب أن يستحق علينا عقاباً دائماً.

  قال #: وهذه الدلالة بناها على أن أحدنا يجوز أن يستحق العقاب على غيره، وذلك لا يجوز بوجه، ثم اعترضه، فقال #: وبعد فإن نعمة الله تعالى وإن كانت فوق نعمة غيره في الشاهد فهي محصورة، فإن كان تعاظم عقابه لتعاظم نعمه فهي منحصرة، فالعقاب يجب أن تنحصر أجزاؤه، ولن يكون كذلك إلا وهو منقطع؛ لأن ما لا ينقطع أبداً لا يتناهى.

  قلت: فعلى هذا التقرير الذي قرره الموفق بالله # فالاعتراض على أبي علي وارد؛ لأنه بنى على تعاظم النعمة وهي متناهية، وأما على ما ذكره الإمام المهدي # فلا اعتراض عليه، ولهذا قال #: وهذا الاعتراض - يعني ما ذكره أبو هاشم - غير واقع؛ لأنه لم يبنه على ذلك، وإنما بناه على تعاظم الاستقباح، ولا شك أن القبائح تتفاضل في الاستقباح؛ ألا ترى أن أحدنا لو وهب لغيره سيفاً قاطعاً يدافع به عدوه فحين قبضه ضرب به الواهب فقتله بنعمته