المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين
  قيام المعنى بالمعنى سلمنا، فالمراد بقيام المعنى بالمعنى الاختصاص الناعت وهو أن يختص شيء بآخر اختصاصاً يصير به ذلك الشيء نعتاً للآخر والآخر منعوتاً، وهذا لا محذور فيه، ويستوي فيه الجوهر وغيره.
  الشبهة الرابعة: أن العبد مجبور في أفعاله، وإذا كان كذلك لم يحكم العقل فيها بحسن ولا قبح، لأن ما ليس فعلاً اختيارياً لا يتصف بهذه الصفات اتفاقاً، ومن أدلتهم على ذلك أن العبد حال إيقاع الفعل إما أن لا يصح منه الترك فهو المطلوب، وإما أن يصح منه الترك فلا يكون الفعل أولى بالوقوع من الترك من دون مرجح وداع، وإلا لزم وقوع أحد الجائزين لا لمرجح، وذلك يقدح في حدوث العالم(١).
  قالوا: وذلك المرجح لا يصح أن يكون من فعل العبد، وإلا احتاج في وجوده إلى مرجح ومرجحه إلى مرجح فيتسلسل، فتعين أن يكون من فعل الله، وإذا كان من فعل الله فإما أن يقع الفعل عنده على سبيل الجواز أو الوجوب، الأول: باطل لأنه يحتاج في وجوده إلى مرجح آخر فيتسلسل، فتعين الثاني وهو المطلوب؛ لأن ذلك المرجح يكون سبباً وفاعل السبب والمسبب واحد، وهذا الدليل هو الذي اعتمده الرازي وعول عليه، وكرر أنه يهدم مذهب المعتزلة في العدل.
  والجواب: أن القول بالجبر معلوم البطلان، فيبطل ما ترتب عليه(٢) وستأتي مسألة مستقلة في إثبات العدل ونفي الجبر، وأما الدليل الذي
(١) يعني لأن الذي دل على حدوثه هو حصوله مع الجواز فلا بد من مؤثر فيه وموجد له يرجح وجوده على عدمه. تمت مؤلف.
(٢) وهي نفي التحسين والتقبيح. تمت مؤلف.