تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  والفشل، ظهر منهم بعض ما في قلوبهم، حتى توعدهم الله بقوله: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ...} الآية [الأحزاب: ٦٠]. وبهذا اقتضى الكلام على رد ما ذهب إليه الناصر #، والحسن البصري، والذي يظهر أنه لا خلاف في التحقيق بينهما وبين القائلين بأن النفاق إظهار الإسلام وإبطان الكفر؛ إذ هما يقولان بذلك، إلا أنهما جعلا ارتكاب الكبائر دليلاً على الكفر باطناً، ولذا استدلا على نفاقه بأن ارتكابه في الفسق ليس إلا لضعف يقينه؛ إذ لو كان ثابت اليقين بالله وبوعده ووعيده لما ارتكب الكبيرة، وقد مر تحقيق ذلك كله، حتى أن الإمام المهدي، والسيد ما نكديم ذكرا في تقرير حجة الحسن البصري أن المصدق الثابت اليقين في حكم الملجأ إلى ترك الكبيرة، كما ذكره في الواحد منا لو توعده القادر ... إلخ ما مر.
  والتزم الإمام المهدي # أن الصورة المذكورة توجب الإلجاء إلى الترك، ولكن قال: حال الفاسق يخالف هذا، فإنه لا يعلم ولا يظن وصول العقاب إليه، إما لتجويز العفو(١) والتوبة على ما مر، فهذا تصريح بأنهما لم يخالفا في حقيقة المنافق، وإنما استدلا على فكره بمعصيته، وغيرهما يقول: إنه يجوز ارتكاب الكبيرة مع القطع بصدق الوعيد عليها، وإنما يحمله عليها، إما تجويز العفو، أو التسويف بالتوبة، وبهذا تعرف أن أكثر ما سقناه في الرد عليهما إنما يصلح للرد على الرواية المحكية عن زيد والقاسم @، ومن وافقهما. والله أعلم.
(١) من المرجئ. تمت مؤلف.