الموضع الرابع: في ذكر شبه المخالفين وبيان بطلانها
  وحاصل كلامه # أن القادر من له أن يفعل وأن لا يفعل، وأنه لا يحتاج في الإيجاد إلى مؤثر سوى قادريته، وهو ينفي القول باحتياجه إلى المرجح، وإلا بطل معنى كونه قادراً.
  نعم والقول بعدم احتياجه إلى المرجح إنما هو بالنظر إلى ذات الفعل، وأما بالنظر إلى كونه مطابقاً للحكمة والعادة فلا بد منه.
  وقال (أبو الحسين البصري)، و (محمود بن الملاحمي) و (المجبرة): بل لا بد من المرجح وإلا لم يصح وجوده حيث لا مخصص، ومن أدلتهم أن العمدة في إثبات الصانع احتياج الممكن إلى المؤثر، فلو جوزنا ممكناً يرجح أحد طرفيه على الآخر من غير مرجح لم يمكنا أن نحكم في شيء من الممكنات في احتياجه إلى المؤثر وذلك يسد باب إثبات الصانع.
  وأجابوا عن مسألة الهارب ونحوه بمنع تساوي غيرين في المقصود منهما من كل وجه، ولو فرض استحال اختيار أحدهما من دون مرجح، ورد بأنكم لا تنكرون أن الله قادر أن يخلق رغيفين مستويين من كل وجه، وأنه يصح منه ذلك، وأنه قادر على أن يخلق للعبد علماً ضرورياً باستوائهما، فإن أنكرتم هذا خرجتم من الدين، وإذا أقررتم به فنقول: هل يقدر سبحانه على أن يخلق له داعياً إليهما على البدل لا على الجمع أم لا، ولا معنى للداعي إلا أنه يوجد له علماً بأن في كل واحد منهما له نفعاً خالصاً، وأن المنفعة بتناول أحدهما حاصلة على الاستواء، لا بد لكم من الإقرار بقدرته تعالى على إيجاد هذين العلمين، وبه يصح ما منعتموه من استواء غيرين من كل وجه،