المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين
  وإذا صح ذلك فنقول: هل قد خلقت فيه القدرة على ذلك الفعل أم لا.
  الثاني: خلاف الفرض فإذا كانت قد خلقت فيه صح إيجاده بها، وإلا بطل كونها قدرة عليه، والمرجح ليس جزءاً من القدرة ولا من الباعث، فبطل الاحتياج إليه، وأما قولهم بلزوم سد باب إثبات الصانع، فإنما يلزم لو جوزنا حصول الجائز من غير مؤثر فيه، ولم نقل بذلك أصلاً.
  قلت: وفي إطلاق الحكاية عن (المجبرة) بأنه لا بد من المرجح نظر، فإن صاحب المواقف حكى عن الأشعرية أن الفعل لا يحتاج إلى مرجح، وصرح صاحب المقاصد بأن القول بأن الفعل الواقع بلا مرجح اتفاقي، إنما هو إلزام للمعتزلة القائلين بأن قدرة العبد لا تؤثر في فعل إلا إذا انضم إليه مرجح يسمونه الداعي.
  قال: ونحن لا نقول به، فإن الترجيح بمجرد الاختيار المعلق بأحد طرفي الفعل لا لداع عندنا جائز، ولبعض محققيهم كلام في إبطال هذا الدليل لما يلزم عليه من اللوازم، وممن ضعفه ابن الحاجب، وأما الرازي فاضطرب كلامه فإنه في رد شبهة الفلاسفة حيث قالوا: القادر لما أمكنه أن يفعل في وقت، وأن يفعل قبله، أو بعده توقفت فاعليته على مرجح، ومرامهم بذلك نفي حدوث العالم؛ لأنه إذا توقفت فاعليته على مرجح احتاج المرجح إلى مرجح فيتسلسل، التزم أن الفاعل لا يحتاج إلى مرجح في إيجاد أحد المستويين، وربما ادعى