تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  لأن النور جسم لطيف، وقوله: (في أعماق البدن) إشارة إلى انسيابه فيه، ولم يجعل له محلاً مخصوصاً، فكان كقول ابن الإخشيذ أو قريباً منه.
  قال في الدرر: وهذا قوله(١) في المعالم والأربعين، فأما في نهاية العقول فإنه وافقنا في أنه هذا الجسد الظاهر، وصرح به وادعى العلم الضروري بذلك، وإذ قد أتينا على أقوال الناس، فلنأخذ في ذكر ما تمسكت به كل طائفة:
  ولنبدأ بذكر شبه الفريق الأول، وهم الفلاسفة ومن تابعهم، إلا أنه ينبغي قبل الكلام على شبههم أن نذكر تحقيق مذهبهم؛ لأنا أجملناه في أول المسألة، وقد حققه الإمام عز الدين #، فقال: اعلم أن الفلاسفة يقولون بالنفس الناطقة، ويحكمون عليها بأنها الإنسان، ويجعلونها غير هذا الشخص، لكنها أمر لها تعلق به وليست بجسم، ولا عرض، ولا يجوز عليها الموت ولا غيره مما يجوز على الأجسام والأعراض، بل هي حية باقية لا تموت.
  قيل: ويذهبون إلى حدوثها بأن أوجبها عقل مجرد أزلي، وليست أزلية؛ لأنه يوجبها بشرط متجدد وهو حدوث المزاج المستعد لقبولها.
  ذكره في المعراج.
  إذا عرفت هذا فاعلم أن لهم شبهاً مبنية على قواعد غير مسلمة لهم، وقد ذكرنا في هذا الموضع أقواها؛ ليعلم أنها غير قادحة:
(١) يعني الرازي. تمت مؤلف.