مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1707 - الجزء 3

  وقال في شرح الأبيات الفخرية: المعلوم من دين النبي ÷ ضرورة أن الإنسان هو هذا الشخص المبني بنية بني آدم، وأنه المكلف العاقل، المطيع، العاصي، والمثاب، والمعاقب، وأنه الذي يتوجه إليه الأمر والنهي، والمدح والذم، والقرآن ناطق بذلك.

  وقال الإمام عز الدين: قد قيل: لو ادعي أن الإنسان الحي القادر العالم هو هذه الجملة ضرورة لم يمتنع ذلك، وأنه معلوم من إجماع المسلمين، قبل حدوث هذا الخلاف.

  وقال شارح (الأبيات الفخرية)⁣(⁣١): إن العلم بذلك ضروري، ولفظه:

  اعلم أنا إذا ذكرنا الدلالة على ذلك فإنما نريد به الاستظهار والتأكيد للعلوم الضرورية، فالإنسان يعلم بضرورة العقل، ولا يحتاج فيه إلى إقامة دليل.

  احتج النظام بوجوه:

  أحدها: أن هذا البدن الظاهر مركب من أجزاء، كل واحد منها لا يجوز أن يكون حياً قادراً عالماً بانفراده، فكذلك إذا اجتمعت؛ لأن ما لم يكن بهذه الصفات إذا انضم إلى مالم يتصف بها لا يصير متصفاً بها، كما أن ما ليس بأسود إذا انضم إلى ما ليس بأسود لم يجز أن يصير أسود، فثبت أن الموصوف بما ذكر غير هذا الشكل، وأنه واحد غير مختلف ولا متضاد.


(١) شارح الأبيات الفخرية هو العلامة الأصولي محمد بن يحيى بن الحسن بن محمد القاسمي العياني، من فضلاء الزيدية وجهابذتها، والكتاب المذكور تحت الطبع بتحقيقنا.