مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1710 - الجزء 3

  هذه الجملة هي الحية كان كل جزء منها حياً، فتكون بمنزلة أحياء ضم بعضهم إلى بعض، وذلك يستلزم أن يكون العرض قد أوجب لغير محله وهو باطل.

  والجواب: أن الكلام في إيجاب الأعراض للصفات موقوف على الدليل فلا يستعمل فيها القياس، واقد دل الدليل على أن فيها ما يوجد في المحل الواحد ويوجب للجملة، وذلك أنا نجد أنفسنا عالمين، مشتهين، مريدين، كارهين، مع كون العلم، والشهوة، والإرادة، والكراهة محلها القلب؛ لأنا نجد ذلك من ناحية الصدر فقط، ونعلم أن هذه الصفات إنما تثبت لجملتنا لا لبعضنا.

  قال القرشي: ولولا هذا لكان أحدنا بمنزلة أحياء قادرين ضم بعضهم إلى بعض فلا يحصل له فعل بداع واحد. وأما قوله: إن ذلك يستلزم أن يكون العرض قد أوجب لغير محله وهو باطل ففي كلام الإمام المهدي ما يدل على أنه لا محذور فيه مع قيام الدليل عليه، وهو ما حررناه.

  وأما القرشي فقال: ليست الجمل غيراً للمحل، فلا يصح قوله: قد أوجب لغير محل؛ لأن المغايرة هي أن لا يكون أحدهما هو الآخر، ولا جملة يدخل تحتها الآخر، ولهذا لا يكون الواحد من العشرة غيراً للعشرة.

  قلت: ولعله يعني أن المغايرة التامة ما ذكره لا مطلق المغايرة؛ لأنه لاشك في المغايرة بين العام والخاص، والكل والجزء، ولذا أجازوا