مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1712 - الجزء 3

  لكن لما فقدنا العلم به وجهنا الذم إلى الجملة، وقد عرفنا أن فيها ما لا يتم كونه حياً إلا به، وأن فيها زيادات يستغنى عنها، فلا يمتنع أن يقصده.

  قال #: ولا يقال: فكان يلزمكم أن لا يحسن الذم إلا ممن قد علم تلك الجملة؛ لأنا نقول: العلم بها متقدماً على العلم بحسن الذم، لكنه علم جملي وهو كاف. قال ابن متويه: وقريب منه أن يقال: إذا كان الإنسان هو الجملة المهزولة لزم إذا سمن أن لا يعلم أنه ذلك الإنسان؛ لأن العلم لا يتعلق بشيء إلا على ما هو به، وعندنا أن معلوم العلم لا يتغير، وأجاب بأنه في الحالين ينصرف إلى الأجزاء التي لا يستغني عنها في كونه حياً، ويحكم بأن هذا السمين هو الذي كان مهزولاً، كما يحكم بذلك في الفصيل إذا كبره. وقال في المنهاج: وليس يلزم إذا سمن الإنسان بعد عجف أن يصير غير ما كان، كما أن الشجرة إذا كبرت بعد صغرٍ لم تصر غير ما كانت.

  قال: وعلى هذا فيصح أن يعظم خلق أهل النار وأجسامهم.

  قلت: وهذه الشبهة قد تمسكت بها الفلاسفة، وقد نبه الإمام عز الدين # على أن هذه الشبهة يتمسك بها المخالفون كلهم.

  الوجه الثاني: أن الإنسان قد يكون عالماً بنفسه حال ما يكون غافلاً عن جميع أعضائه وأجزائه الظاهرة، وأما الباطنة فالمعلوم أنه لا يعلمها إلا بالتشريح، ولاريب أن المعلوم مغاير لما ليس بمعلوم، فثبت أن الإنسان غير الجسم.