الموضع الرابع: في ذكر شبه المخالفين وبيان بطلانها
  ولا مخلص لهم من هذا إلا بنفي المرجح، أو نفي كونه موجباً؛ إذ لا فارق إلا كونه تعالى قديماً، والعبد محدثاً، وهو لا يقتضي الفرق في الاختيار.
  قال (الإمام يحيى) #: فإن قالوا إن كون القديم يجب أن يكون فاعلاً لا يخرجه عن حد الاختيار.
  قلنا: وكون فاعلية العبد واجبة لا تخرجه عن حد الاختيار.
  الوجه الثاني: أنه يلزم نفي الحسن والقبح الشرعيين؛ لأنهما في الشرع من صفات الأفعال الاختيارية، فإن حركة المرتعش والمغمى عليه لا توصف بحسن ولا قبح في الشرع، ويستلزم أيضاً تكليف ما لا يطاق.
  الوجه الثالث: أنا نعلم ضرورة حصول الفعل من دون المرجح كفعل الساهي والنائم، ولو كان لا يصح من دونه لما وقع، وإلا كان تأثيراً بلا مؤثر وهو باطل، وهذا يصلح حجة أيضاً لمن لا يشترط المرجح.
  الوجه الرابع: أنه لو كان تأثيره على جهة الإيجاب لما تمكن الفاعل من ترك الفعل عند وجوده، والمعلوم ضرورة أن الإنسان قد يترجح له الفعل ولا يفعله.
  الوجه الخامس: أن الدواعي والمرجحات من قبيل الاعتقادات والظنون التي لا تأثير لها في الإيجاب، فثبت أن القول بالمرجح لا يستلزم الجبر.