الموضع الرابع: في ذكر شبه المخالفين وبيان بطلانها
  فإن قيل: فما تقولون فيما قاله أبو الحسين وغيره حيث قال الداعي موجب، فإن هذا تصريح بمذهب المجبرة، ولذا قال (الرازي): إن (أبا الحسين) يقول بالجبر إلا أنه يتستر من أصحابه، ومثله قول أبي القاسم البلخي: أن من دعاه الداعي إلى الفعل لا بد أن يفعله، وقول الجاحظ: إذا قوي الداعي وقع الفعل بالطبع، وإن تكافأ هو والصارف وقع بالاختيار.
  قيل: أما (أبو الحسين) فلم يقصد إلا ما قصده غيره من علماء العدل، وهو أنه إذا توفرت الدواعي، وانتفت الصوارف وجب الفعل عندها، وجوب استمراري عادي لا وجوب تأثير، ومثلوا ذلك بمن حضره طعام شهي وهو شديد الجوع ولا صارف عنه، فإنه إن لم يأكل لم يحكم بقدرته أو كمال عقله، وإنما ألزمه الرازي الجبر لغلطه في فهم مقصده؛ لأنه ظن أنه أراد وجوباً كوجوب المعلول عن العلة.
  وأما (أبو القاسم) فقال (الإمام المهدي) #: الأقرب أن مقصده كمقصد سائر المعتزلة من أن المراد بالوجوب وجوب استمرار لا بمعنى أنه يستحيل خلافه، قلت: وكذلك كلام الجاحظ فإنه يمكن حمله على هذا.
المقام الثالث: في المرجح ما هو وممن هو عند القائلين به من العدلية
  فقال (الحسين بن القاسم) #: المرجح الإرادة وهي من العبد، ولزوم التسلسل ممنوع؛ لأن المحتاج إلى الإرادة هو الفعل المتوجه إليه بالقصد لا الإرادة؛ إذ حصولها ليس إلا بتبعية الفعل المراد، وقد ذكر