مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الرابع: في ذكر شبه المخالفين وبيان بطلانها

صفحة 170 - الجزء 1

  الشريف أن كل عاقل يعلم من نفسه أن إرادته للشيء لا تتوقف على إرادته لتلك الإرادة.

  وقال (الإمام يحيى) #: إذا قال السائل ما الذي يرجح وجود المقدور على عدمه؟ فمن جوابنا أنه القادر، فإذا قال: فلم وجد في هذا الوقت دون ما قبله وما بعده ولم اختص بالحصول دون ضده؟ قلنا: الفاعل المختار أوجده لقيام داعيه، فمتى قال فلنفرض قيام الداعي في كل واحد من الضدين على سواء، قلنا: من هاهنا يتميز القادر على الموجب، فإنا لو جرينا في هذا الموطن على طلب مخصص لأحد مقدوريه دون الآخر غير كونه فاعلاً مختاراً لألحقناه بباب الموجب، وخرج عن حد الاختيار، وهذا يرفع ما عرفناه ضرورة من الفرق بين القادر والموجب، وحصل من مجموع ما ذكرنا أن الفاعل مفتقر في الأصل إلى الداعي ليبعثه على الفعل، وعند فرض الاستواء في الفعلين من كل الوجوه يفعل أحدهما دون الآخر من غير أمر وراء كونه فاعلاً مختاراً.

  قال (الإمام عز الدين) #: وفي كلامه # ما يشفي في جواب هذه الشبهة التي أوردها الرازي، ويفتح مقفلها، ويحل معضلها.

  وقال (القرشي) المرجح الداعي: وعند استواء الدعا إلى الفعلين فالمخصص القادر بقصده واختياره بدليل أنه لو سئل عن المخصص لأحدهما لقال: اخترت، قال: ولسنا نعني بكون تأثير القادر على جهة الاختيار إلا هذا، وبهذا تقع التفرقة بين الموجب والمختار، فالمطالب لنا بمخصص وراء القادر مطالب لنا بإبطال معنى القادر،