تفسير قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9}
  وكذلك الإمام عز الدين أبطل الحيلة في إسقاط الزكاة، وأجازها في موضع آخر، وعلله بأنه ليس في ذلك تحليل محظور، وهذا كله يبين صحة قولنا: إن كلماتهم $ تدل على اختلاف حكم الحيلة باختلاف موضعها، وقد قال الإمام المهدي #: إن سلوك طريقة الاجتهاد في الحيل أحوط من كل وجه، وذهب الإمام شرف الدين(١) إلى أن الحيل المحرمة هي ما يتوصل بها إلى تحليل ما حرم الشرع مع بقاء الوجه الذي يقتضي التحريم، والجائزة هي التي يزول بالحيلة وجه التحريم، وجعل من المحرمة بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النسأ؛ إذ علة تحريم بيع الصاع بالصاعين إنما هي حفظ مال المحتاج، وزجر الغني عن اغتنام الفرصة عليه، وقد نبه الله على ذلك بقوله: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}[آل عمران: ١٣٠] وكذا قول علي: (سيأتي على الناس زمان عضوض) إلى قوله: (ويبايع المضطرون).
  وإذا كانت العلة ما ذكر، فلا فرق بين أن يبيع الصاع بالصاعين، أو بقيمة الصاعين لبقاء العلة. وجعل من الجائزة تقبيض المصرف للزكاة لأجل الهاشمي الفقير؛ لأن في هذا الهاشمي مانعاً من أخذ الزكاة، وهو تطهير الغير به، ومقتضياً وهو الفقر، وقد ارتفع المانع بالتقبيض، وبقي المقتضي وهو ضابط حسن، وقريب منه ما ذكره
(١) الإمام المتوكل على الله، يحيى شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام أحمد بن يحيى المرتضى #، حارب عامر بن عبد الوهاب الطاهري، وانتصر عليه وله مؤلفات عظيمة منها: (القصص الحق في سيرة خير الخلق)، (والأثمار) هذب بها الأزهار توفي # سنة (٩٦٥ هـ)، ومشهده في بلاد حجة، بمشهد جده الإمام أحمد بن يحي المرتضى @، وللإمام شرف الدين الآثار الحسنة، والمناقب الكثيرة ففي أيامه كانت حياة العلم والدين والدنيا، وكان لجهاده الأثر الأكبر في تثبيت قواعد الدين انظر التحف: ٢١٩ وما بعدها.