مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9}

صفحة 1775 - الجزء 3

  وعن ابن عباس أن النبي ÷ قال: «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه» رواه أحمد، وأبو داود، وهو في الجامع الكافي، والحديث دليل على تحريم الحيل وإبطالها، وأنه لا يجوز التوصل إلى ما هو في ذاته⁣(⁣١) حلال بالحيل، والذرائع المحرمة.

  وعن على #: (كلوا خل الخمر ما فسد، ولا تأكلوا ما أفسدتموه أنتم). رواه علي بن موسى الرضا في الصحيفة. وفي الشفاء: لما نزل تحريم الخمر أمر النبي ÷ بإراقتها، وكان في الجملة خمر ليتيم فاستأذنه وليه في أن يجعلها خلاً فمنع من ذلك وأمر بإراقتها، وهذا نص في المسألة، والأخبار فيها كثيرة، وحصرها في هذا الموضع متعسر، وسيأتي في مواضع كثيرٌ من ذلك إن شاء الله، على أن في ما ذكرناه كفاية.

  الوجه الرابع: ماروي عن علي # من التحذير من الحيل وأهلها، فمن ذلك: قوله #: (لقد صرنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كَيساً، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيل؛ مالهم قاتلهم الله قد يرى الحوَّل القُلَّب وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأي العين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها لا حريجة له في الدين) من رواه في النهج. الكَيس بفتح الكاف وسكون الياء المثناة من تحت: الفطنة والذكاء، والحُوَّل القُلَّب بضم الحاء المهملة والقاف


(١) كأثمان الشحوم. تمت مؤلف.