مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9}

صفحة 1778 - الجزء 3

  وغيرهم من الصحابة أن المبتوتة في مرض الموت ترث، ووافقهم سائر المهاجرين والأنصار من أهل بدر وبيعة الرضوان، ومن عداهم.

  قال: وهذه وقائع متعددة، لأشخاص متعددة، في أزمان متعددة، والعادة توجب اشتهارها وظهورها بينهم، لا سيما وهؤلاء أعيان المفتين من الصحابة الذين كانت تضبط أقوالهم وتنتهى إليهم فتاويهم، ومع هذا أنه لم يحفظ الإنكار من أحد عليهم، وإذا كان هذا قولهم في إبطال الحيلة فيما ذكر، فماذا يقولون في التحيل لإسقاط حقوق المسلمين، بل لاسقاط حقوق رب العالمين. هذا حاصل كلامه في الأعلام. وقال فيه: إن تقرير إجماعهم على تحريم الحيل وإبطالها أقوى من تقرير إجماعهم على العمل بالقياس وغيره، مما يدعى فيه إجماعهم.

  الوجه السادس: أن كل مادل على سد الذرائع ومنعها فهو دال على تحريم الحيلة، وأدلة سد الذرائع كثيرة كتاباً وسنة، وستأتي مفصلة في كتابنا هذا إن شاء الله. ووجه دلالة هذا الوجه على منع الحيل أن الشارع يسد الطريق إلى المفاسد بكل ممكن، والمحتال يفتح الطريق إليها بحيلته.

  الوجه السابع: أن الحيل مبنية على الهوى، والكتاب والسنة ناطقان بتحريم اتباع الهوى، وأجمع العترة $ على تحريم الأخذ بالأخف اتباعاً للهوى، رواه الإمام القاسم بن محمد # في الإرشاد، ولا شك أن الحيل لا يطلب بها إلا الأخف، والأخف لا يطلب إلا اتباعاً للهوى غالباً.