المسألة الثانية [العمل بالظاهر]
  الأصل في القياس. وقد أجيب عليه أيضاً بأن غرض المستدل لا يتم مع منعه، واختلفوا في كون هذا الاعتراض بمجرده قطعاً للمستدل، فقيل: لا يكون قطعاً له، وهو اختيار صاحب الغاية، وصاحب جمع الجوامع وغيرهما؛ لأن منع حكم الأصل كمنع العلية ونحوها من مقدمات القياس، وحكم الأصل أحد تلك المقدمات، فكما أن المستدل لا ينقطع بمنع أيها، بل يجب عليه إثباتها بالدليل اتفاقاً، فكذلك حكم الأصل. وقيل: بل ينقطع فلا يمكن من إثباته؛ لأنه إذا أخذ في الدلالة على إثبات حكم الأصل فقد انتقل عن المقصود وهو إثبات حكم الفرع بالقياس، ولا معنى للانتقال إلا هذا، وأجيب بأنه لا يضر؛ إذ المقصود لا يتم إلا به، والواجب على ملتزم أمر إثبات ما يتوقف عليه غرضه. وقال الإسفراييني: ينقطع إن كان المنع ظاهراً يعرفه أكثر الفقهاء، وإلا فلا. وقال الغزالي: يعتبر عرف مكان البحث فإن للجدل عرفاً ومراسم في كل مكان، فإن عده أهل المكان الذي فيه البحث قطعاً فهو كذلك، وإلا فلا.
  قيل: وإذا أتى المستدل على حكم الأصل بدليل فلا ينقطع المعترض، بل له أن يعود فيعترض؛ إذ لا يلزم من صورة دليل صحته، وهذا اختيار الحسين بن القاسم، وابن الحاجب، وابن السبكي. وقيل: بل ينقطع لخروجه باعتراضه عن المقصود.
  وأجيب بأنَّ المقصود لا يحصل إلا به.