المسألة الأولى [في ماهية الشراء المذكور في الآية]
  قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ١٦}[البقرة]
  الاشتراء والشراء بمعنى الاستبدال بالشيء والاعتياض منه. والضلالة: الجور عن القصد. والهدى: التوجه إليه. والربح: ما يحصل من الزيادة على رأس المال. والتجارة: صناعة التاجر، وهو الذي يتصرف في المال بطلب النمو والزيادة. والمهتدي: اسم فاعل من اهتدى، وافتعل فيه للمطاوعة، هديته فاهتدى. وفي الآية مسألتان:
المسألة الأولى [في ماهية الشراء المذكور في الآية]
  في كون هذا الشراء حقيقة أو مجازاً قولان:
  أحدهما: أنه حقيقة؛ لأن المعاوضة متحققة.
  قالوا: لأن الآية إن كانت في المنافقين ففيها احتمالات، وهي إما أن يقال: إنهم قد كان لهم هذا ظاهراً من التلفظ بالشهادتين، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك مما هو في أعمال المسلمين؛ فلما لم تصدق بواطنهم ظواهرهم، واختاروا الكفر استبدلوا بذلك الهدى الضلال؛ ويشهد لهذا قول مجاهد في الآية: آمنوا ثم كفروا. وإما أنهم لما ولدوا على الفطرة واستمر لهم حكمها إلى البلوغ استبدلوا عنها