مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين 16}

صفحة 1842 - الجزء 3

  واعلم أن من يشترط في صحة البيع لفظاً مخصوصاً قد استثنوا من ذلك المحقر، فقالوا: يكفي فيه ما اعتاده الناس، إلا ماروي عن بعض أصحاب الشافعي من أنه لابد فيه من لفظ كغيره.

  قال الصعيتري: وظاهر المذهب أنه يكفي ما جرت به العادة في جميع المحقرات. وقال ابن أبي الفوارس: إن هذا في المأكول فقط. قال الصعيتري: والقياس يمنع من كونه بيعاً إذا لم يحصل فيه الإيجاب والقبول، ولا ما هو في معناهما، إلا أن عمل المسلمين جرى بالتعامل به في المحقرات، وتوارثوه خلف عن سلف. من غير خلاف ولا نكير، ولم يراعوا فيه لفظ الإيجاب والقبول، كما لم يراعوا في الهدايا لفظ الهبة والقبول، وكما أجمعوا على دخول الحمام على وجه لا تحصل فيه الإجارة الصحيحة، فصح ذلك لأجل عمل المسلمين. واختلفو في قدر المحقر، فقال علي خليل، وأبو مضر: هو ما دون ربع المثقال. وقال القاضي زيد: قدر قيراط المثقال فما دون. وقال في البيان: المحقر الذي لا يعقد عليه لحقارته، لا للتساهل فيه كما يفعله الجهال. وقيل: هو نحو البقول، والفواكه، والخبز. وقيل: ما دون نصاب السرقة. قيل: والأقرب في ذلك اتباع العرف والعادة، وهو الذي يشير إليه كلام الإمام شرف الدين في إلحاق المنقولات بالمحقرات. والذي صححه في حواشي الأزهار للمذهب: أنه يثبت فيه الشفعة، وتلحقه الإجازة، ويدخله الربا، ويثبت فيه الخيار؛ وهذا فرع على حصول الملك، ومنه تعرف ضعف دعوى الإجماع على أنه لا يحصل بالمعطاة ملك في المحقر، والله أعلم.