مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [في بحث لفظة (كل) مع ألفاظ العموم]

صفحة 1860 - الجزء 3

  قيل: لأنهم أهل العقول الوافرة، والفطنة الباهرة، فلا يجهلون مثل ذلك مع كثرة دورانه في كلامهم.

  فإن قيل: وما الدليل على حاجتهم إلى ذلك؟

  قيل: الذي يدل عليه أن الواحد منهم قد يحتاج كثيراً إلى خبر، أو استخبارٍ، أو أمر يقتضي الاستغراق، ويطول عليه تعداد الأعيان؛ ألا ترى إذا أراد أن يستخبر عن من عند غيره من العقلاء طال عليه القول مستخبراً هل عندك فلان؟ أو فلان؟ إلى أن يعدد من يريد الاستخبار عنهم، وكذلك في الأمر والنهي، فلطول ذلك مستهم الحاجة إلى وضع لفظ شامل لما يريدونه من خبر، أو استخبار، أو أمر، أو نهي، فيقول المخبر عندي العلماء، والمستخبر: من عندك والآمر: أكرم العلماء، والناهي: لاتهن الأولياء.

  فإن قيل: غاية ما ذكرتم الدلالة على حسن وضعهم الألفاظ العموم، لا وجوبه.

  قيل: بل يدل على الوجوب؛ لأن من حق القادر على الشيء إذا توفرت الدواعي إلى إيجاده أن يوجده لا محالة؛ إذ لو لم يوجده لخرج عن كونه عاقلاً؛ كما قيل فيمن من قدم إليه طعامٌ شهي مع حاجته إليه، ولا مانع منه بحال، فإنه إذا تركه والحال هذه لا يعد من العقلاء، وقد قررنا حاجتهم إلى الألفاظ العامة، وأما قدرتهم عليها فلا شك فيها.

  فإن قيل: لو سلمنا الوجوب فلا نسلم أن العرب لا يخلون به، إلا لو ثبتت حكمتهم ومراعاتهم للمصالح، وليسوا كذلك، فإنهم