مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1865 - الجزء 3

  قال #: وما يحكى عن ابن أبي بشر الأشعري أنه لا لفظ موضوع للأمر، والنهي، والعدد، فإنه معلوم خلافه ضرورة.

  الدليل الرابع: تبادر العموم عند إطلاق ألفاظ مخصوصة، والتبادر دليل الحقيقة؛ إذ لو لم تكن موضوعة للعموم لما حصل التبادر. ولا يقال: إنه لا يسبق إلى الفهم إلا بما يقترن به من القرائن؛ لأنا نقول: إنه يسبق وإن لم يقترن بشيء، كأن يكتب إلينا به غائب.

  الدليل الخامس: أن المعلوم من حال أهل اللغة أنهم متى أرادوا أن يأتوا في عباراتهم بلفظ عام، قصدوا إلى ألفاظ مخصوصة، فلولا أنها للعموم لما استمر الحال في ذلك.

  الدليل السادس: صحة الاستثناء من مدخول صيغ العموم، ومن حق الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته.

  فإن قيل: لا نسلم وجوب الدخول، بل تكفي الصلاحية، كما في الاسم النكرة.

  قيل: قد تقدم الجواب عن هذا السؤال في المسألة الأولى من قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}، ونزيده هنا توضيحاً صحيحاً بما ذكره الموفق بالله #، وهو أنه لا خلاف بين أهل اللغة أن الاستثناء يخرج البعض مما اعتوره اللفظ والكلام، ولا يخرج بعضه إلا ويكون هنا لفظ يشمله وغيره؛ ولأن أحدنا إذا قال: أعط زيداً عشرة دراهم إلا درهما، فإن هذا الاستثناء يخرج ما لولاه لوجب دخوله تحت العشرة؛ بدليل أنه لولم يستثن لوجب إعطاء العشرة؛ وإنما وجب أن يخص به في العدد