مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في أن المعدوم شيء]

صفحة 1892 - الجزء 3

  والموجود لا قدرة عليه ... إلى آخر ما مر والاستدلال بها على هذا الوجه في غاية الضعف لوجهين:

  أحدهما: أنه لم يقل أحد بأن القدرة لا تتعلق بالمقدور إلا لإيجاده، حتى يصح قولهم: إن الموجود لا تتعلق به قدرة، بل كل من أقر بالصانع يقطع بأن قدرة الباري تعالى تتعلق بالممكن الموجود، من حيث أنه قادر على التصرف فيه بالصحة، والسقم، والزيادة، والنقص، والإماتة، وغير ذلك، وبالمعدوم من حيث الإيجاد، والإخراج من العدم، على أنه لا تعرض في الآية للمعدوم، بل هي في الدلالة على تعلق القدرة بالموجود أصرح، من حيث السبب؛ لأن الله تعالى أوردها للإخبار بقدرته على إذهاب سمعهم، وأبصارهم مع الإخبار بالقدرة على غيرهما، وسمعهم وأبصارهم من الموجودات؛ وقد ذكر الأصوليون أن صورة السبب تدخل في العموم دخولاً أولياً.

  الوجه الثاني: أنه يلزمهم أن ما لا يقدر الله عليه لا يكون شيئاً، فالموجود لا يكون شيئاً؛ لأنه غير مقدور بزعمهم.

  احتج من لا يسمي المعدوم شيئاً بوجوه:

  أحدها: أن الخصم موافق في أن ذوات العالم هي العالم، وفي أن العالم محدث، وفي أن الحدث نقيض الأزل، فلو كان المعدوم شيئاً بالمعنى الحقيقي الذي زعموه للزم صحة وصف ذوات العالم بالمتناقضين، وهما كونها محدثة وثابتة في الأزل، والجمع بين النقيضين محال، فما أدى إليه يجب أن يكون⁣(⁣١) محالاً.


(١) فكون المعدوم شيئاً يجب أن يكون محالاً لتأديته إلى المحال. تمت مؤلف.