مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1893 - الجزء 3

  الثاني: أنهم موافقون في استحالة وجود ذوات العالم في الأزل، فيلزم أن يستحيل ثبوتها في الأزل.

  فإن قيل: الوجود غير الثبوت، فلا يلزم من استحالة وجود الذوات في العدم ووصفها به استحالةُ ثبوتها ووصفُها به.

  قيل: لا نسلم الفرق بينهما، بل هما عند العرب مترادفان، علم ذلك بالاستقراء، وتناقض قول القائل: ثبت ولم يوجد، أو العكس.

  الثالث: أن في كتاب الله تعالى من الأدلة الصريحة الدالة على أن المعدوم لا يسمى شيئاً ما لا يمكن دفعه، وسيأتي في مواضعه، ومنها: قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ٩}⁣[مريم].

  الرابع: أن السنة النبوية قد دلت على ذلك، فمنها ما رواه المرشد بالله # بسنده إلى ابن عباس، قال: قال رسول الله ÷: «من قال: لا إله إلا الله قبل كل شيء، ولا إله إلا الله بعد كل شيء، ولا إله إلا الله يبقى ربنا ويفنى كل شيء عوفي من الهم والحزن» وفي المعراج: عن النبي ÷: «وكان الله ولا شيء، ثم خلق الذكر»، ورواه السيد حميدان، وعنه ÷ أنه ذكر في بعض خطبه: «أن الله منشئ الأشياء» رواه السيد حميدان.

  الخامس: أنما ذهبنا إليه هو كلام أمير المؤمنين #، فإن في غضون كلامه مما يدل على أن لا شيء في العدم، ولا ذات في الأزل شيئاً كثيراً، وهو المبين للأمة ما اختلفوا فيه، فمن ذلك: قوله #: (الحمد لله الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر) وقوله: (هو الأول