تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  والكسر فعل واحد، ومقدور واحد، وقد اشترك فيه جماعة، علم ذلك ضرورة.
  فإن قالوا: قدرة كل واحد تعلقت بغير ما تعلقت به قدرة الآخر، وإن لم يتميز مقدور كل منهم، فكل واحد له مقدور.
  قلنا: هذا باطل، بل تعلقت قدرة كل واحد بنفس ما تعلقت به قدرة الآخر، وهو تحريك الخشبة، وكسر العود؛ لأنه المقدور الذي حصل بمجموع فعلهم، والتحريك والكسر شيء واحد لا يتبعض، ولا يتجزأ، وهو مقدور واحد بين قادرين؛ ولا يلزم من اجتماع القدر وضم بعضها إلى بعض تعدد المقدور؛ إذ لا ملازمة بينهما، وذلك واضح.
  وأجيب بأنه لو اتحد المتعلق للزم تبعض الوجود، أو تعدده للذات الواحدة، وهو باطل كما مر، فما أدى إليه يجب أن يكون باطلاً.
  قال ابن لقمان: واعلم أن ثمرة الخلاف هي أنه هل يقدر الله تعالى على أعيان أفعال العباد، أم لا يقدر إلا على أجناسها، فمن قال: يجوز مقدور بين قادرين، قال بأن الله تعالى يقدر على أعيان أفعال العباد، وأنه يجوز أن تكون حركة المتحرك وسكون الساكن من الله ومن العبد، ولا مانع من ذلك إلا أن ذلك لم يقع؛ لأن أفعال العباد منهم، ولا يلزم من عدم الوقوع عدم الجواز، ومن قال: لا يجوز مقدور بين قادرين قال: لا يجوز ذلك، ولا يقدر الله تعالى إلا على أجناس أفعال العباد، لا على أعيانها.
  قلت: وقد نبهنا على هذه الثمرة في أول المسألة، وإنما ذكرنا ماهنا لزيادة الإيضاح، والتحقيق لمحل الخلاف وفائدته. والله الموفق.