مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1912 - الجزء 3

  إلى أيهما، وهو باطل أيضاً؛ لأنها تكون فعلاً لا فاعل له، فتعين أن تكون مستندة إليهما معاً، وهو المطلوب. وأجيب بأن المثلين يصح اجتماعهما في المحل الواحد؛ وعلى هذا فيقال: هما يوجدان حركتين كل واحدة منهما مختصة بقدرة معينة، فلا يلزم ما ذكروه.

  الحجة الثالثة: قالوا: لو لم يقدر الباري تعالى على عين⁣(⁣١) مقدورنا لكان نقصاً في قادريته، كما لو لم يعلم عين معلومنا. وأجيب بالفرق، وهو أن تعلق القدرتين بمقدور واحد محال لما مر، وتعذر المحال ليس نقصاً في حق القادر، كتعذر الجمع بين الضدين، بخلاف العالميتين، فلا إحالة لتعلقها بمعلوم واحد.

  الحجة الرابعة: أن منع ذلك يؤدي إلى تناهي مقدورات الباري تعالى. وأجيب بأنه لا يؤدي إلى ذلك مع القول بأنه يقدر على ما لا يتناهى من كل جنس.

  الحجة الخامسة: قالوا: يلزم أن يقدر أحدنا على تحريك جسم لطيف، وحال تحريكه لا يقدر الباري جل وعلا على تحريكه. وأجيب بأنا لا ننفي تعلق القدرة به على كل حال، فنقول: هو يقدر على تحريكه حركة غير الحركة الذي أو جدها الواحد منا.

  الحجة السادسة: أن تحريك الجماعة نحو الخشبة حركةٌ واحدةٌ، في وقت واحد، وكسرهم نحو العود كسرا واحدا كذلك، لا ينكره عاقل، وذلك دليل واضح على ما ذهبنا إليه؛ لأن الفعل وهو التحريك.


(١) أي ذات مقدورنا. تمت مؤلف.