الركن الأول: في الاستعاذة وفيه مسائل
  وهو الله الذي هو على كل شيء قدير، وذلك الطلب هو قوله: أعوذ بالله، وبهذا يتبين لك أن الاستعاذة لا تتم إلا بعلم وهو علمه بعجز نفسه، وعلمه بأن الله قادر على نفعه، ودفع الضرر عنه، وحالٍ(١) وهو حصول الانكسار، والخضوع في القلب وعمل وهو محبة الصيانة، وطلب ذلك بلسانه، والركن الأعظم في الاستعاذة هو علم العبد بالله، وعلمه بنفسه، أما علمه بالله فأن يعلم أنه عالم بجميع المعلومات، قادر على جميع الممكنات، جواد على جهة الإطلاق؛ لأنه إذا لم يعلمه بهذه الصفات لم تكن الرغبة في الاستعاذة قوية؛ لأنه لو جوز عدم علمه بحاله، أو عدم قدرته على النفع والدفع، أو جوز بخله لكان مجوزاً عدم الفائدة في الاستعاذة به فلا تقوى رغبته فيها، ويدل على ذلك أن إبراهيم # عاب أباه في قوله: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ٤٢}[مريم].
  وأما علمه بحال نفسه، فهو أن يعلم أنه لا غناء به عن توفيق الله تعالى ومعونته، وقد نبه الله تعالى على ذلك في كتابه فقال معلماً لعباده: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}[الفاتحة]، وقال: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ}[الأعراف: ١٢٨].
  وعن علي # عن النبي ÷ قال: «يقول الله ø ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السموات وأسباب الأرض من دونه، فإن سألني لم أعطه، وإن دعاني لم أجبه،
(١) (حالٍ) معطوف على قوله: (بعلم).