الكلام على الاستعاذة
  وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السموات والأرض رزقه، فإن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته، وإن استغفرني غفرت له»(١).
  وقال علي # في وصيته لولده (الحسن): (وألجئ نفسك في أمورك كلها إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز، ومانع عزيز)(٢).
  وروي أن في بعض الكتب الإلهية أن الله تعالى يقول: «وعزتي وجلالي لأقطعن أمل كل مؤمل غيري باليأس، ولألبسنه ثوب المذلة عند الناس، ولأخيبنه من قربي، ولأبعدنه من وصلي، ولأجعلنه متفكراً حيران يؤمل غيري في الشدائد والشدائد بيدي وأنا الحي القيوم، ويرجو غيري، ويطرق بالفكر أبواب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة، وبابي مفتوح لمن دعاني».
  وقال (القاسم بن إبراهيم) #: (استعصم الله بعصمته التي لا تهتد، واسترشده إلى السبيل الذي ينجو به من الردى من هلك، واستوهبه التوفيق لهدايته، والحظ الوافر من طاعته، وارغب إليه في إلهام حكمته واجتناب معصيته).
  واعلم أنه ليس المطلوب بالاستعاذة منع الشيطان من عمل الوسوسة بالقهر والإلجاء كما يفيده كلام الرازي في هذا الموضع؛ لأن ذلك ينافي التكليف، ولا منعه بالأمر والنهي لأنه قد فعله، وإذا كان قد فعله
(١) الصحيفة (٤٤٣).
(٢) نهج البلاغة ص (٣٩٣).