مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1920 - الجزء 3

  قال في الغياصة: وهذا معلوم، إلا أن إطلاق العبارة أن الله تعالى ممنوع يوهم الخطأ، وأنه لا يقدر على الزيادة، فلم يجز إطلاقها.

  واعلم أن للقادر حدوداً كثيرةً غير ما ذكرنا، ذكرها علماء الكلام، منها: ما حكاه الإمام المهدي عن المتأخرين، وهو أنه: المختص بصفة لكونه عليها يصح منه الفعل، ما لم يكن ثم مانع، أو ما يجري مجراه، ولم يكن الفعل مستحيلاً؛ في نفسه، لوجوده فيما لم يزل. وهو كالأول؛ إلا أنهم زادوا ولم يكن مستحيلاً؛ لأنه لم يخرج بقولهم: ما لم يمنع مانع؛ لما عرفته من تفسير المانع وما يجري مجراه؛ ويرد عليه ما ورد على الأول، إلا السؤال الرابع. ونحوه في الغياصة، إلا أنه قال: يصح منه إيجاد مقدوره، ولم يقل: يصح منه الفعل؛ ليسلم من السؤال الثاني والثالث. وقيل: هو الذي إن شاء فعل، وإن لم يشأ لم يفعل. وهذا الحد لا يرد عليه شيء مما سبق، ويجري على جميع المذاهب؛ لأن المشيئة تقع من القادر، سواء قلنا: إنه إنما كان قادراً لاختصاصه بصفة، أم لغير ذلك؛ وهو إلى الحد الأول أقرب. وفي شرح القلائد لمؤلفها # عن ابن الملاحمي أنه قال: هو المتميز تميزاً لأجله يصح منه الفعل مع سلامة الأحوال، وأنه لا يكون مستحيلاً في نفسه. قال: ولا يقال: إنه يعلم القادر من لا يعلمه هذا التمييز؛ لأن هذا التمييز معلوم لكل أحد، وإنما الكلام هل التميز بصفة أم بالذات؟

  قال الإمام المهدي: وهو كحد المتأخرين، إلا أنهم فصلوا وهو أجمل، والإجمال مطعون فيه؛ لأن المطلوب فيه تفصيل المحدود.