مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة [دلالة الآية على قدرة الله]

صفحة 1922 - الجزء 3

  وهذا مذهبهم في سائر الصفات. وقال برغوث: لا مزية له بكونه قادراً، وإنما المرجع به إلى أنه ليس بعاجز. وألزمت المطرفية أن لا يوصف بذلك؛ لأنهم أضافوا التأثيرات إلى الطبائع، وجعلوها موجبة، فسدوا على أنفسهم طريق معرفة كونه تعالى قادراً؛ إذ لا طريق إلى ذلك إلا حدوث هذه الحوادث من جهته، فإذا أضفناها إلى غيره من طبع أو غيره جوزنا في الطبع كذلك، وأنه صادر عن موجب فتنسد الطريق إلى القادرية.

  قال الإمام المهدي: وفي هذا الإلزام نظر، فإن لهم أن يقولوا: إنا قد علمنا حدوث الحوادث، فلابد من انتهائها إلى فاعل مختار، وإلا لزم قدمها إن كان موجبها قديماً، أو وقوف وجودها على وجود ما لا يتناهى من الواجبات؛ لاستلزامه بطلان وجودها.

  قلت: وحاصل كلامه # أنه لا يصح الإلزام. إلا لو قالوا: العالم كله حاصل بالطبع، أصوله وفروعه، وأما على القول بأنه تعالى خلق أصوله، فلا يصح الإلزام؛ لأنهم يقولون: إن حدوث الحوادث ينتهي إلى خالق الأصول، وهو فاعل مختار. وقالت الفلاسفة الإسلاميون: الرب - الذي هو العلة عندهم - لا توصف بأنها قادرة، ولا غيرها من الصفات؛ لأن وصفها بذلك يقتضي تكثيرها، وهي غير متكثرة. هكذا في الغياصة ونحوه، وفي الدرر ولم يقيد الفلاسفة بالإسلاميين، بل أطلق الحكاية عنهم. وأما القرشي فقال: إن الفلاسفة يقولون: إنه قادر، ولكنه موجب لفعله.