مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة [دلالة الآية على قدرة الله]

صفحة 1936 - الجزء 3

  وأما المطرفية فإبطال نسبة التأثير إلى الطبائع كاف في الرد عليهم. وأما الفلاسفة فشبهتهم أن الوصف يقتضي التكثير.

  والجواب:

  أولاً: أنا لا نسلم أن الباري تعالى جل وعلا علة، وقد أبطلنا أن يكون المؤثر في العالم علة في سياق قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}⁣[الفاتحة].

  ثانياً: أن دعواهم لزوم التكثير باطل؛ وإنما يلزم ذلك لو وصف بأوصاف المخلوقين، ونحن لم نصفه بذلك سبحانه وتعالى. وأما ما حكاه عنهم القرشي من الإقرار بأنه قادر، ودعواهم أنه موجب لفعله فقد أبطلنا تأثير الإيجاب في الفاتحة.

تنبيه [في صفة القدرة]

  اعلم أن هذا الدليل المركب من القياس وما ذكره النجري مبنيان على ما ذهب إليه الأكثر، من أن هذه الصفة أمر وجودي زائد يدل على الذات؛ وأما على ما ذهب إليه الأئمة ومن وافقهم ممن ينفي الأحوال فالدليل عندهم على قادريته تعالى ما مر من أن العلم بأن صحة الفعل لا تكون إلا من قادر ضروري، ومن قال منهم: إنه استدلالي قال: إن القادر من يصح منه الفعل، وفسر الصحة بعدم الاستحالة، فكأنه قال: القادر من لا يستحيل منه الفعل، والباري تعالى لا يستحيل منه الفعل، بدليل وقوعه منه، والوقوع فرع الصحة، فيجب أن يكون قادراً.