تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  متعلقة بالمقدور؛ لأنا نعلم بين القادر والمقدور تعلقاً، وتلك الصفة هي المرادة والمسماة بالقادرية؛ فصح أن الله تعالى قادر. وأما ما ذهب إليه الباطنية وغيرهم من المخالفين، فيكفي في إبطاله صحة ما ذهبنا إليه؛ لأنهما في طرفي نقيض، إذا ثبت أحدهما بطل الآخر، ولا بأس بالتعرض لشبههم، فنقول: أما قول الباطنية بأنه يؤدي إلى التشبيه والتعطيل. فنقول: لا يؤدي إلى التشبيه إلا وصفه بصفات المخلوقين، كإثبات المعاني القديمة، ولذا قال أمير المؤمنين #: (وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه؛ لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله). رواه في النهج، وقال في موضع آخر منه: (لا يوصف بشيء من الأجزاء، ولا بالجوارح، والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض، ولا بالغيرية والأبعاض) فبين في هذا الكلام أن المنفي عنه صفات المخلوقين؛ لأنها التي تقتضي التشبيه، دون ما يليق به من الصفات التي أثبتها لنفسه، ودل عليها في كتابه، كما قال #: (فما ذلك القرآن عليه من صفته فأتم به). رواه في النهج وغيره.
  ولا يذهب إلى قولهم إلا من ينكر حكم العقل والكتاب، وإلا فالعقل قد عرف أنه تعالى قادر كما مر، وأما الكتاب فهذه الآية ونحوها؛ ومن بلغ به الحال إلى مخالفة هذين الدليلين فلا جدوى في الكلام معه. وأما برغوث فيجاب عليه بأن كونه قادراً حكم ثابت، والثابت لا يعلل بالنفي.