مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1938 - الجزء 3

  الفصل الثاني: في أدلة المختلفين في الجهة الثانية، وهي هل للقادر بكونه قادراً صفة راجعة إلى الجملة أو لا؟

  اعلم أن الأكثر قد احتجوا في الفصل الأول على رجوعه إلى الجملة بقولهم: لو لم يرجع إلى الجملة فلا يخلو. إما أن يرجع إلى النفي أو إلى الإثبات ... إلى آخره؛ وهذا الدليل عندهم قد أبطلوا به كل ما يقدر التعليل به. من الأمور التي ليست راجعة إلى الجملة. وأما أبو الحسين ومن وافقه من أئمتنا $ وغيرهم ممن ينفي الأحوال شاهداً وغائباً، فقد ذكرنا في البسملة في مسألة موجود أن الوجود ليس أمراً زائداً على الموجود، بل هو ذات الموجود، وأوضحنا الأدلة على ذلك، ومنه يؤخذ دليل هذه المسألة، وكيفية تركيبه في القادرية، سيما على ما ذهب إليه الأئمة $ من أن صفات الله تعالى كلها هي الذات؛ إذ لا فرق بين الموجود والقادر، وسيأتي لذلك مزيد تحقيق، عند ذكرنا لكيفية استحقاقه تعالى لصفاته. وقد استدل أبو الحسين على أن المرجع في هذه الصفة في الشاهد إلى البنية المخصوصة بأن رجوعها إلى الجملة باطل؛ إذ لم يقع الفعل بكل الجملة؛ لعلمنا أن البطش مثلاً واقع باليد فقط؛ فإن قلتم: إن معنى رجوعه إلى الجملة أن يقع بحسب كون الجملة مريدة، ومعتقدة، ونحو ذلك، فهو لا يمنع وقوعه باليد فقط؛ لأنه يجوز أن تعلم الجملة نفعاً في فعل اليد وتريده، فيقع باليد، لا بالجملة؛ يوضحه أنه لا بد من استعمال محل القدرة، ومن كونه مبنياً بنية مخصوصة، وإذا وقفت صحة الفعل على بنية اليد فهلا كفى ذلك، من دون اعتبار صفة راجعة إلى الجملة. وأجيب بأن المراد بصدورها عن الجملة ما هو المعقول عند جميع