تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  العقلاء من قولهم: فَعَل زيد، وقال زيد. ونحو ذلك، ولم يقولوا: فعلت يد زيد، ولا قال لسانه؛ ولهذا يتوجه المدح والذم إلى الجملة؛ ولسنا ننكر أن الفعل وقع باليد، لكنها آلة للجملة، فالفعل وقع من الجملة بآلتها، والآلة لابد من استعمالها؛ هذا مع أنه لو كان صادراً من بعض أبعاض الحي(١) لكان الحي بمنزلة أحياء قادرين، فيلزم ما مر ذكره من اللوازم على هذا، ويلزم أيضاً تعلق المدح والذم بذلك البعض، والمعلوم خلافه. ويمكن أن يقال: إن نسبته إلى الجملة من حيث أنها هي البنية المخصوصة، لا من حيث أن هذه الصفة أمر وجودي زائد على الذات، كما هو مرادكم برجوعه إلى الجملة، والنسبة يكفي فيها أدنى ملابسة؛ وإذا كانت النسبة من هذه الحيثية ثبت ما ذهب إليه أبو الحسين وموافقوه، من أن المرجع بكونه قادراً إلى البنية المخصوصة. والله أعلم.
  وأما ما ذهب إليه برغوث، والنجار فقد مر جوابه(٢). وأما قول أبي القاسم: إن المرجع بها إلى الصحة واعتدال المزاج، فقال السيد مانكديم: إن أريد بذلك صفة ترجع إلى الجملة فهو الذي نقول، وإن أريد اعتدال الطبائع الأربع، التي هي الحرارة، والبرودة، واليبوسة، والرطوبة فهو فاسد؛ لأنها علل متضادة، والعلل الكثيرة المتضادة لا تجتمع على إيجاد حكم واحد.
  قلت: في كلام القاسم بن إبراهيم # ما يدل على أن المرجع بها
(١) وقد مر ذكرهما في الفصل الأول. تمت مؤلف.
(٢) وهو أنه نفي لا يصح التعليل به. تمت مؤلف.