مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1942 - الجزء 3

  ويلحق بالمسألة فائدتان:

  الأولى: هي أن يقال: هل عدم المقدور شرط في القادرية أم لا؟

  قال في الغياصة: ولا خلاف بينهم أنه شرط في صحة الفعل، وأما القادرية فالذي عليه المتقدمون أنه شرط فيها، حتى أن القادر لو وجد منه جميع مقدوراته خرج عن كونه قادراً شاهداً وغائباً، وأما المتأخرون فقالوا: كذلك في الشاهد، وأما الغائب فعدم مقدوراته غير شرط في قادريته؛ لأنها وإن وجدت فهو تعالى قادر على إفنائها وإعادتها، فتبقى قادريته متعلقة بذلك.

  قيل: وكلام المتقدمين هو الصحيح؛ لأنا لو فرضنا تقدير أن مقدورات الباري وجدت فهو لا يعدمها إلا بضد يفعله، أو ما يجري مجرى الضد، وقد فرضنا المسألة أن مقدوراته قد وجدت⁣(⁣١)، فلا شيء منها معدوم يوجده، فإذا كان كذلك لم يتهيأ منه على هذا التقدير إعدام ولا إيجاد، فيزول تعلق القادرية بالمقدورات، وإذا زال التعلق فقدت الصفة؛ لأن تعلقها ملازم لثبوتها، نفياً وإثباتا.

  قلت: وفي جواز تجويز خروجه⁣(⁣٢) تعالى عن هذه الصفة نظر، كيف منه وقد مر أنه لا يجوز خروجه عن هذه الصفة بحال من الأحوال، وتجويز الخروج يقتضي الجواز؛ على أنهم بنوه على أمر لا يسلمه لهم من خالفهم، وهو أن الإفناء لا يكون إلا بخلق ضد وهو الفناء،


(١) ومن جملتها الضد وما يجري مجراه. تمت مؤلف.

(٢) فإنهم قد جوزوه، حيث قالوا: إن القادر لو وجد منه جميع مقدوراته ... إلخ. تمت مؤلف.