المسألة الأولى [في خطاب المشافهة]
  الرسول ÷ نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} هل يدخل فيه من سيوجد من المكلفين أم لا؟ فقال الأكثر: لا يتناول إلا الموجودين في زمنه ÷ فقط، بل قيل: إنه لا يتناول من الموجودين إلا الحاضرين في مهابط الوحي.
  وقالت الحنابلة، وبعض الحنفية، واختاره الإمام القاسم بن محمد #: بل يعم الموجود والمعدوم إلى انقطاع التكليف.
  احتج الأولون بأن خطاب المشافهة مع المعدوم لا يجوز؛ لأن معناه(١) توجيه الكلام نحو الغير للإفهام، ولا فهم للمعدوم قطعاً، ولأن المعدوم لا يكون إنساناً، ولا مؤمناً، فكيف يدخل تحت هذا الخطاب؛ وأيضاً، امتنع خطاب الصبي والمجنون بمثله مع وجودهم؛ لقصورهم عن الخطاب، فالمعدوم أولى.
  قلت: وهذا الوجه ضعيف؛ لأن عدم توجيه الخطاب إليهم إنما كان لوجود المخصص، والتخصيص لا ينافي تناول اللفظ، فالأولى الاحتجاج بالوجه الأول فقط.
  فإن قيل: لا نسلم امتناع خطاب المعدوم مطلقاً، بل إذا توجه إليه الخطاب خاصة، فأما مع الموجودين فلا مانع منه، ويكون من باب التغليب، وهو فصيح شائع.
  قيل: التغليب مجاز، والكلام في التناول الحقيقي؛ وأيضاً، ليس الكلام في مطلق الخطاب، بل في خطاب المشافهة، والمعلوم امتناع
(١) أي خطاب المشافهة. تمت مؤلف.