مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 1954 - الجزء 3

  أمر السادة في جميع الأوقات، وهذا يمنع من تكليفهم بالشرعيات؛ لاستغراق أوقاتهم في خدمة سادتهم، وصرف منافعهم في مآربهم.

  قلنا: ذلك الاستغراق مخصوص بما يلزمهم من العبادات.

  قالوا: خرجوا عن الجهاد، والحج، والجمعة. قلنا: لدليل يخصهم كخروج المسافر عن الجمعة، والمرأة عنها وعن الجهاد، وغير ذلك من المخصصات.

  احتج القائل بالتفصيل بأن التناول اللغوي والإجماع على صرف المنافع إلى السيد تعارضا في حقوق الآدميين، فترك الظاهر وهو التناول، اتباعاً للإجماع.

  قلنا: لا نسلم وجوب صرف المنافع على الإطلاق، وإنما يجب عند طلب السيد فقط، ولهذا جاز أن يصرفها العبد في نفسه؛ فلا يكون الخطاب بحقوق الآدميين عند عدم الطلب معارضاً لصرف الواجب مع الطلب.

  البحث الثالث: اختلفوا في الكافر، هل يتناوله هذا الخطاب أم لا؟

  واعلم أن ظاهر كلام العلماء أنه لا خلاف في أن الكافر مكلف بالإيمان، وإنما الخلاف في فروعه، فالذي عليه الأكثر أن الكفار مخاطبون بفروع الإيمان، ومكلفون بالإتيان بها أجمع. وقال أبو حنيفة ومن وافقه: إنهم غير مكلفين بها. هكذا روى الإطلاق في شرح الجوهرة، وهو مروي عن الإسفراييني من الشافعية،