المسألة الخامسة [احتجاج أصحاب الرازي بهذه الآية على عدم استحقاق العبد للثواب بفعله]
  على قواعدهم، وإنما أوردوه على جهة الإلزام للعدلية؛ لما قالوا: إن سبب وجوب العبادة الإنعام علينا، وقد تقدم في المسألة العاشرة من مسائل الحمد لله بيان مذهبهم في نفي الوجوب، وما بنوه عليه، وإبطاله، وتقدم في الفاتحة وفي الاستعاذة بيان بطلان قولهم بأنه لا يقبح من الله قبيح، ونسبتهم أفعال العباد إلى الله تعالى.
  وأما الجهة الثانية: فالخلاف بين العدلية فيها مترتب على الخلاف في المسألة التي قبل هذه، فمن قال: إن وجه وجوب الواجبات الشرعية كونها ألطافاً في العقليات قال بوجوب الثواب على الله تعالى، ومن جعل وجه الوجوب كونها شكراً قال: لا يجب الثواب، والقائلون بذلك أبو القاسم وأتباعه، والإمام القاسم بن محمد وأتباعه، وهو ظاهر روايته في الجواب المختار عن قدماء الأئمة $.
  قال أبو القاسم: وإذا قلنا بوجوبه فإن المعنى أنه وجوب جود وتفضل، بمعنى أن جوده وكرمه يقتضي بأنه ينعم علينا بالثواب، لا أَنَّه حق لنا عليه، وخلافه لفظي؛ لأنه يوافقنا في أن الله تعالى لا بُدَّ أن يفعله، ولا يجوز تخلفه، وإنما منع من إطلاق الوجوب على الله تعالى فقط، وقيل: بل معنوي؛ لأنه يقول: لو أخل به لم يستحق عليه ذماً، ولأن الطاعات في حكم المستحقة علينا بما له علينا من سابق النعم، فهي بمنزلة الشكر له، فكما أن الشكر مستحق كذلك طاعة المنعم بأصول النعم وفروعها، وإذا كانت مستحقة امتثالاً لأمره - وذلك الامتثال شكر على نعمة - لم يستحق عليها جزاء، كما لا يستحق