مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الأول [في ذكر الفعل والفاعل وتعلقاتهما]

صفحة 194 - الجزء 1

  إذا عرفت هذا فاعلم أن السيد (مانكديم) قد ذكر فرقاً بين الفعل والمحدث، وهوا أن المحدث يعلم محدثاً وإن لم يعلم أن له محدثاً، بخلاف الفعل فإنه إذا علم الفعل علم أن له فاعلا وإن لم يعلم بعينه، ولهذا عاب قاضي القضاة على الأشعري في نقض (اللمع)⁣(⁣١) استدلاله على أن للعالم صانعاً بقوله: العالم صنع فلا بد له من صانع فقال: إن العلم بأن العالم صنع يتضمن العلم بأن له صانعاً، فكيف يصح هذا الاستدلال.

  قال السيد (مانكديم): ما حصل من هذه الجملة أنه إذا علم الفعل فعلاً يعلم أن له فاعلاً مّا على الجملة.

  وإنما يقع الكلام بعد ذلك في تعيين الفاعل ولك في تعيينه طريقان:

  أحدهما: أن تختبر حاله فإذا وجدت الفعل يقع بحسب قصده ودواعيه، وينتفي بحسب كراهته وصارفه حكمت بأنه فعل له على الخصوص.

  الثانية: أن تعلم أن هذا المقدور لا يجوز أن يكون مقدوراً للقادر بالقدرة، فيجب أن يكون مقدوراً للقادر للذات وهو الله تعالى.

  قلت: وأما قوله إن المحدث يعلم محدثاً وإن لم يعلم أن له محدثاً، ففيه نظر، فإن حاجة المحدث إلى محدثه ودلالته عليه مما لا امتراء فيه، وحينئذٍ لا فرق بينهما من هذه الجهة. والله أعلم.

  على أن الاعتراض على الأشعري مشاحة في العبارة ولا طائل تحتها إذا فهم المقصود.


(١) اسم كتاب تمت مؤلف.