مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2034 - الجزء 4

  من المعارف كنفي الرؤية، ونفي الثاني، ومسألة الإمامة، والشفاعة، وغيرها من مسائل أصول الدين؟

  قيل: قد أجيب عن هذا من وجهين:

  أحدهما: أن نقول لكل واحدة من تلك المسائل حظ في الدعاء والصرف فتكون ألطافاً، ولا نسلم قول من يقول إن اللطف ليس إلا مجرد العلم باستحقاق الثواب والعقاب.

  الثاني: أن منها ما هو شرعي محض كالإمامة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والمنزلة بين المنزلتين، ومنها ما تطابق فيه العقل والشرع كنفي الثاني، فإذا ثبت ذلك كان وجه وجوبها كالوجه في وجوب الواجبات الشرعية، وهو كونها ألطافاً في التكاليف العقلية العملية، فصح أن وجه وجوب جميع مسائل أصول الدين واحد، وهي كونها لطفاً، فإن قيل: إذا لم تجب المعارف إلا لكونها وصلة إلى المطلوب الذي هو العلم باستحقاق الثواب والعقاب، فلم أطلق كثير من المتكلمين القول بأنها ألْطَافٌ؟

  فالجواب من وجهين:

  أحدهما: ما روي عن قاضي القضاة من أنه ما من شيء من هذه المعارف إلا وله حظ في اللطف، ألا ترى أنه لو لم يعلم أن الله تعالى قادر الجوز أن لا يقدر على عقابه مع استحقاقه لذلك، ولو لم يعلم أنه تعالى عالم الجوز أن لا يعلم أنه ممن يستحق العقاب وإن كان مستحقاً له، ونحو ذلك في سائر المسائل أو أكثرها.