مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2073 - الجزء 4

  ورواية عن المؤيد بالله: أنه يجوز التقليد مطلقاً أي لم يشترطوا تقليد المحق، بل أطلقوا، وفيهما⁣(⁣١) عن هؤلاء، وعن أبي القاسم البلخي، ورواية عن القاسم # مغمورة: أن النظر فرض كفاية، وفي الشرح عن العنبري أنه يصوب أهل القبلة في جميع معتقداتهم في الديانة. والذي ينبغي الكلام عليه في هذا الموضع هو ما يتعلق بالتقليد في أصول الدين، إلا أنا قبل ذكر الحجج نبدأ بذكر حقيقة التقليد فنقول: التقليد لغة: مصدر قلد يقلد، ويستعمل في جعل القلادة في عنق الحيوان، وقلادة كل حيوان بحسب ما يعتاد أن يوضع في عنقه في كل وقت وموضع، فقلادة المرأة من الخرز ونحوه، والإبل من الصوف أو غيره، واصطلاحا: قبول قول الغير من غير حجة ولا شبهة زائدة على حاله، ولفظ القبول يشمل القبول بالقول والظن، والاعتقاد وقلنا: من غير حجة ولا شبهة للاحتراز من قبول أهل الحق لأقوال علمائهم في المسائل الإلهية لأجل ما يلقونه إليهم من الحجج، فإن ذلك لا يسمى تقليداً، وكذلك قبول أهل الباطل لأقوال علمائهم لما يلقونه إليهم من الشبه فإنه لا يسمى تقليداً، وقلنا زائدة على حاله أي على حال المقلد للاحتراز عن شبهة حاله فإنه لا بُدَّ منها، وهي الحال التي هو عليها من العلم والورع، فإن اتباعه لأجل هذه الشبهة لا يخرج العامي عن كونه مقلداً له؛ لأنه لم يحصل بها احتجاج على المسألة، ولا تصوير للدليل، فلم تكن زائدة على الحال الذي العالم عليها، ولا يكاد يتبع أحد أحداً إلا لشبهة ترجع إلى حاله وأوصافه.


(١) أي: في الأساس وشرحه تمت مؤلف.