مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [وجوب النظر]

صفحة 2075 - الجزء 4

  لما قال له الحارث بن حوط: أترى يا أمير المؤمنين أن أهل الشام مع كثرتهم على الباطل، وأن أهل العراق مع قلتهم على الحق: (يا حارث إنه لملبوس عليك الحق لا يعرف بالرجال، وإنما الرجال يعرفون بالحق فاعرف الحق تعرف أهله قلوا أم كثروا، واعرف الباطل تعرف أهله قلوا أم كثروا) رواه السيد ما نكديم في الشرح، وهو في النهج.

  فإن استدلوا على أن للكثرة مزية بما روي عنه ÷ أنه قال: «عليكم بالسواد الأعظم».

  قيل: الخبر أحادي فلا يحتج به في قطعي، وأيضاً هو مصادم بحسب ظاهره للقرآن من حيث أن القرآن ورد بذم الكثرة ومدح القلة، ولئن صح فليس على ظاهره بل محمول على اتباع الإجماع؛ لأنه لا سواد أعظم منه، أو الأعظم عند الله وهم أهل الحق، ولكن لا يعرفون إلا بعد معرفة الحق كما قاله الوصي #، فكأنه أمر بالنظر ليكونوا مع السواد الأعظم.

  الوجه الثاني: أن المقلد لا يخلو إما أن يقلد الجاهل وهو ظاهر البطلان، أو العالم، فلا يخلو ذلك العالم إما أن يكون قد علم ما قد علمه ضرورة وهو باطل لما مر أن الله تعالى لا يعرف ضرورة، أو علمه تقليداً وهو باطل أيضاً: لأن الكلام فيه كالكلام في الأول فيؤدي إلى ما لا يتناهى من المقلدين بفتح اللام ومقلديهم، وما أدى إلى التسلسل فهو محال، فلم يبق إلا أن ذلك العالم يعلمه دلالة، وفي ذلك بطلان التقليد، فإن قيل: وما أنكرت أن يكون التقليد طريقاً لبعض والاستدلال الآخرين فلم حكمت ببطلان التقليد؟