الفصل الأول [في ذكر الفعل والفاعل وتعلقاتهما]
  في طريق معرفة الله لأن سبب وجوبه ربما يكون بدعاء داع وتخويف مخوف ونحو ذلك، ويمكن عده من القسم الأول لأنه ربما يكون سببه نظراً في كتاب، أو تنبيهاً من قبل النفس، وهذا هو الظاهر لأن سبب وجوبه هو الخوف من تركه ضرراً، والخوف من فعلنا، وإنما يختلف سببه فتارة يكون من فعلنا، وتارة يكون من فعل غيرنا.
  وينقسم الواجب أيضاً إلى ما يضاف إلى سببه كالكفارات، فإنه يقال: كفارة يمين، كفارة ظهار، وإلى ما يضاف إلى وقته كالصلاة، فإنه يقال: صلاة الظهر، صلاة العصر، والفرق بين الإضافتين أن إحداهما إضافة إلى سبب موجب بخلاف الأخرى.
  واعلم أن الأفعال الشرعية قد توصف بالصحة والفساد، والمراد به قد يختلف بحسب اختلاف مواضعه، فإذا وصفت العقود بالصحة، فالمراد أن ذلك العقد استوفى شرائطه على ما يقتضيه الشرع فأوجب الملك الذي يحل معه التصرف، وإن وصفت بالفساد، فالمراد أنها لم تستوف الشروط فلم تفد الملك والحل، وأما العبادة إذا وصفت بهما فالمراد أنه يلزمه الإعادة أو لا، وإذا قيل شهادة صحيحة، أو فاسدة فالمراد به أن القاضي يحكم بها أو لا، وليس المراد بذلك كونها صادقة أو كاذبة؛ لأنها قد تكون صادقة ولا يصح الحكم بها كشهادة العبيد، والأب لابنه على قول، وقد تكون كاذبة وتوصف بالصحة، وذلك إذا لزم الحكم بها، وإذا وصف بهما خبر الواحد، فالمراد أنه نقل على وجه يجب العمل به أو لا، ولا يعتبر في ذلك كونه صدقاً أو كذباً