تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  تحتاج إلينا لأجل حدوثها، وهو تعالى قادر لصحة الفعل منه، عالم لصحة الفعل المحكم منه حي لكونه قادراً عالماً، موجودٌ لتعلقه بالفعل وصحته منه، قديم لأن الحوادث تنتهي إليه، سميع بصير يدرك المدركات؛ لأنه حي لا آفة به، لا يشبه شيئاً من الأجسام والأعراض؛ إذ لو أشبهها لجاز عليه من دلالة الحدوث ما يجوز عليها، وهو غني؛ لأن الحاجة من خصائص الجسم، وعلى هذا فقس.
  قال الإمام عز الدين لكن الأقرب ما ذكره الإمام يحيى من تعذر إدراك العلوم هذه وغيرها عليهم.
  قلت: وسيأتي كلام الإمام يحيى، ولقائل أن يقول: لا نسلم أن إدراك هذه العلوم متعذر عليهم فإنها مقررة في عقولهم، وإنما المتعذر التعبير عنها وهو غير معتبر.
  قال القرشي: وأدلتها يعني الجملة المكلف بها مقررة في عقولهم، وعجزهم عن التعبير عنها لا يدل على أنهم غير عالمين بها، فإن كثيراً من العقلاء يعلم ما لا يحسن العبارة عنه، ألا ترى أنك لو سألت رجلاً عاقلاً عن العقل ما هو لما درى كيف يجيبك، ومتى عددت العلوم المذكورة لقال أما هذه فأنا أعلمه، يزيده وضوحا أن الذي يذكره العالم للمتعلمين في هذا الفن إنما هو التنبيه على وجوه الاستدلال، وعلى ما هو مقرر في عقولهم.
  قلت: ويؤيده قوله #: (ويثيروا لهم دفائن العقول). وقد احتج القائلون بجواز تقليد المحق وهم القاسم، وأبو القاسم، ورواه ابن لقمان