مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2081 - الجزء 4

  ومنهم من يحتاج إلى دليل يخصه باعتبار ما ذكره من القيد وهم القائلون بأنه يجوز التقليد للعوام، والقائلون يجواز تقليد المحق، فأما الأولون فاحتجوا بأنه لو كلف العوام والنساء بهذه الأصول، والاستدلال عليها بالأدلة الغامضة، ودفع الشبه مع علمنا أنهم لم يفعلوا ذلك لوجب علينا الحكم بكفرهم، وإجراء أحكام الكفر عليهم، والمعلوم عن النبي ÷ وعن باب مدينة علمه، وعن السلف والخلف من أهل البيت $ وغيرهم خلافه.

  الجواب: من وجهين:

  أحدهما: أن نقول لا يخلو حالكم من أن تجيزوا التقليد مع جواز الخطأ أو لا، إن كان الأول لزمكم صحة تقليد سائر الملل الكفرية؛ إذ لا فرق بينها وبين ملة الإسلام عند المقلد في جواز الخطأ، وإن كان الثاني فهو باطل؛ لأنه كيف يعلم أنه لا يجوز عليه الخطأ، هذا الجواب على جهة الإلزام، والإبطال للقول بالتقليد من أصله.

  الوجه الثاني: في إبطال هذه الشبهة، وحلها، وهو أنا لم ندعٍ أنهم كلفوا ما كلفه المبرزون وأهل النظر الدقيق، وإنما كلفوا جملاً يسيرة يسهل اكتسابها.

  قال الحاكم في شرح العيون: أصحاب الجمل من يعرف الله بصفاته، وعدله، والثواب، والشرائع جملة لا على سبيل التفصيل، ويعلم ذلك بالأدلة نحو: أن يعلم أن العالم محدث لأنه لا يخلو من الحوادث وله محدث؛ لأن المحدث يحتاج إلى محدث لأجل حدوثه، كما أن أفعالنا