مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2125 - الجزء 4

  قال الرازي: وأما الشبه التي تمسكوا بها في أن النظر غير مقدور فهي فاسدة؛ لأنهم مختارون في استخراج تلك الشبه، فيبطل قولهم، إنها ليست اختيارية.

  وأما التفصيلي: فنقول: الجواب عن الوجه الأول من وجهين:

  أحدهما: أنه مؤسس على القواعد المنطقية، وقد مر في المقدمة أن هذا الفن لا يحتاج إليه في دين الإسلام، وأنه مشتمل على مفاسد قد أوضحنا بعضها ثَمَّة، وهذا الوجه وما يشابهه مما يؤيَّد به القول بتحريم علم المنطق.

  ثانيهما: أنا لا نسلم أن تحصيل التصورات غير مقدور لنا، بل لم يقل به أحد فيما أعلم، فإن الذي نُصَّ عليه في الكتب التي طالعناها من فن المنطق والأصول، وعلم الكلام هو انقسام كل من التصور والتصديق إلى ضروري، ونظري، بلا نزاع في ذلك، ولم يحكوا فيه خلافاً، بل قيل: إن هذه القسمة بديهية لا تحتاج إلى تجشم استدلال، واحتج له في شرح الشمسية بأنه لو كان كل واحد من التصورات والتصديقات بديهياً لما احتجنا في تحصيل شيء من الأشياء إلى كسب ونظر، وهو فاسد ضرورة احتياجنا في تحصيل بعض التصورات والتصديقات إلى الفكر والنظر، ولا نظرياً أي ليس كل واحد منهما نظرياً، وإلا لزم الدور أو التسلسل، والدور توقف الشيء على ما يتوقف عليه ذلك الشيء من جهة واحدة،