مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2126 - الجزء 4

  إما بمرتبة كما لو قلت: زيد متوقف على عمرو، وعمر ومتوقف على زيد، أو بمراتب كما لو قلت: زيد متوقف على بكر، وبكر على خالد، وخالد على عمرو، وعمرو على زيد، والتسلسل هو ترتب أمور غير متناهية، واللازم⁣(⁣١) باطل فالملزوم مثله، أما الملازمة فلأنا إذا حاولنا تحصيل شيء منهما فلا بد من أن يكون حصوله بعلم آخر، وهذا الآخر نظري أيضاً لا يكون حصوله إلا بعلم آخر وهلمَّ جرا، فإما أن تذهب سلسلة الاكتساب إلى غير نهاية، وهو التسلسل، أو يعود فيلزم الدور، وأما بطلان اللازم فلأن تحصيل التصور والتصديق لو كان بطريق الدور أو التسلسل لامتنع التحصيل والاكتساب. هذا حاصل ما في شرح الشمسية. وإذا بطل أن يكون كل منهما بديهياً وكونه نظرياً تعين أن كل واحد منهما منقسم إلى ـبديهي ونظري، وبه يبطل القول بأن التصورات غير مقدورة لنا؛ إذ النظري من جملة المقدورات كما مرَّ، وما استند إليه من أنه إن كان عارفاً امتنع تحصيلها ... إلى آخره فقد مرَّ جوابه في المقام الأول.

  قوله: الوجه المعلوم يستحيل طلبه والمجهول كذلك، قلنا: قد مرَّ أن الممنوع كون المطلوب معلوماً من الوجه الذي يطلب بالنظر تحصيله لا من وجه آخر، والمجهول الذي لا يمكن طلبه ليس إلا المجهول المطلق.

  قوله: الوجه المعلوم غير المجهول، قلنا: مسلم، لكن لا يمتنع توجه النفس إلى ما جهل من وجه مع العلم به من وجه آخر، وما أمكن


(١) وهو الدور والتسلسل والملزوم كون كل منهما نظرياً. تمت مؤلف.