مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة التاسعة [المعنى الوضعي لكلمة لعل]

صفحة 2154 - الجزء 4

  وأراد منهم التقوى - كانوا في صورة المرجو منهم أن يتقوا؛ إذ كل منفعل بغيره ذلك فإنه يرجو منه حصول المقصود؛ فالمراد من لفظة لعل أنه تعالى فعل معهم ما لو فعله غيره لكان موجباً للرجاء.

  الرابع: أنه عبر بلعل على طريق الأطماع دون التحقيق؛ لئلا يتكل العباد كقوله تعالى: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}⁣[التحريم: ٨].

  قال الزمخشري: وقد جاءت على سبيل الأطماع في مواضع من القرآن، ولكن لأنه إطماع من كريم رحيم، وإذا أطمع فعل ما يطمع فيه لا محالة لجري أطماعه مجرى وعده المحتوم وفاؤه به.

  الخامس: أن لَعَلَّ مأخوذ من تكرر الشيء كقولهم: عللاً بعد نهل، واللام فيها للتأكيد كما هي في لقد، وأصلها على فإذا كان معناها التأكيد، والتكرير كان معنى قول القائل: افعل كذا لعلك تظفر بحاجتك افعله، فإن فعلك له يؤكد طلبك له، ويقويك عليه. وهذا ذكره القفال.

  السادس: أنها بمعنى التعرض للشيء كأنه قيل: افعلوا ذلك متعرضين؛ لأن تتقوا؛ والمعنى لعلكم أن تجعلوا قبول ما أمركم الله به وقاية بينكم وبين النار، وهذا من قول العرب: اتقاه بحقه إذا استقبله به، فكأنه جعل دفع حقه إليه وقاية له من المطالبة، ومنه قول علي #: (كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله ÷) أي جعلناه وقاية لنا من العدو.