مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2155 - الجزء 4

  السابع: أن تكون للتعليل بمعنى لام كي، وهي على هذا مجردة من الشك، وقد حكى القرطبي استعمال العرب لها كذلك، وهو اختيار قطرب، وابن جرير، واستشهد له بقول الشاعر:

  وقلتم لنا: كفوا الحروب لعلنا ... نكف ووثقتم لنا كل موثق

  فلما كففنا الحرب كانت عهودكم ... كلمح سرابٍ في الفلا متألق

  المعنى كفوا لنكف، ولو كانت لَعَلَّ هنا شكاً لم يوثقوا لهم كل موثق، وهذا هو الذي بنى عليه الفقيه يوسف في الثمرات، وقال: هي نظير قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات] وفرع عليه حكماً شرعياً، فقال: وقد استدل بهذا على أن من قدر على الحقوق الزوجية ولم تتق نفسه إلى النكاح، فالمستحب له أن لا ينكح؛ لأنه خلق للطاعة والعبادة، وفي النكاح تحميل لنفسه من الحقوق ما يشغل عن ذلك، وهذا مذهب الشافعي، وقد ورد في الحديث: (خيركم الخفيف الحاذ) قيل: وما الخفيف الحاذ يا رسول الله؟ قال: «الذي لا أهل له ولا ولد خفيف المؤنة».

  وقال الناصر، والمنصور بالله، والحنفية: إنه يستحب لمن هذه حاله، وقد ورد قوله ÷: «من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح» ويكون هذا في معنى العبادة؛ لأن المعنى من العبادة حصول الثواب.

  قلت: وسيأتي استيفاء الكلام على المسألة، وأدلتها في الموضع اللائق بها.