مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة العاشرة [استكمال النظر في النعم]

صفحة 2157 - الجزء 4

  وقال الزمخشري: ليس في الآية إلا أن الناس يفترشونها كما يفعلون بالمفارش، وسواء كانت على شكل السطح، أو شكل الكُرَة⁣(⁣١) فالافتراش غير مستنكر، ولا مدفوع؛ لعظم حجمها، واتساع جرمها، وتباعد أطرافها، وإذا كان متسهلاً في الجبل وهو وتد من أوتاد الأرض، فهو في الأرض ذات الطول والعرض أسهل.

  فإن قيل: لو كانت كرية لما استقر ماء البحار فيها.

  أجيب: بأنه يجوز أن يكون في جزء منها متسطح يصلح للاستقرار، وماء البحر متماسك بأمر الله تعالى.

  قال أبو حيان: إنما يجوز أن يكون بعض الشكل الكري مقرً للماء إذا كان ذلك الشكل ثابتاً غير دائر، أما إذا كان دائراً فيستحيل عادة قراره في مكان واحد من ذلك الشكل الكري.

  واعلم أر أن كون الأرض فراشاً مشروطٌ بأمور:

  أحدها: أن تكون ساكنة، ولا خلاف فيه إلا عن الثنوية، فقالوا:

  العالم يهوي أبداً، قلنا: لو كانت الأرض هاويةً لم تكن فراشاً على الإطلاقِ؛ لأن من طفر من موضع غالٍ يجب أن لا يصل إلى الأرض لأنها هاوية، والإنسان هاوٍي، والأرض أثقل منه، والأثقل أسرع في الهوي.

  فإن قيل: فلِمَ لا يجوز أن تكون متحركة بالاستدارة؟


(١) الكرة بتخفيف الراء. تمت مؤلف.