تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  قيل: لأنها لو كانت كذلك لم يكمل انتفاعنا بها؛ لأن حركاتها لو كانت إلى المشرق، والإنسان يريد المغرب لم يتمكن من وصول المغرب؛ لأن حركة الأرض أسرع، والمعلوم أنه يمكنه ذلك، فثبت أنها غير متحركة، والسمع ورد بذلك، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا}[فاطر: ٤١] وقد اختلف في سبب سكونها على أقوال، وليس هذا موضع ذكرها(١).
  الشرط الثاني: أن لا تكون في غاية الصلابة كالحجر، ولا في غاية اللين كالماء، ليسهل النوم والمشي عليها، ويمكن الزراعة، واتخاذ الأبنية، ويتأتى حفر الآبار، وإجراء الأنهار.
  الثالث: أن لا تكون في غاية اللطافة والشفافة؛ لأن الشفاف لا يستقر عليه النور، وما كان كذلك فإنه لا يتسخن بالشمس فكان يبرد جداً، فلا يصلح أن يكون فراشاً.
  الشرط الرابع: أن تكون بارزة من الماء؛ لأن طبع الأرض أن تكون غائصة في البحر، فيجب أن تغمرها البحار، وذلك يمنع أن تكون فراشاً.
  قلت: وقد جعلها الله تعالى مستكملة لهذه الشرائط؛ ولهذا كان الانتفاع بها على أبلغ الوجوه وأتمها، وهذه نعمة من الله يجب على العباد شكر من أولاها، والانقياد له، وتخصيصه بالطاعة والعبادة؛ اللهم عرَّفنا نعمك، وارزقنا شكرك.
(١) وإنما موضعه عند قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} ونحوها مما هو أخص بالمقصود، وإن كان الرازي قد ذكره في هذا الموضع. تمت مؤلف.